منتدى جزيرة أسوان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى جزيرة أسوان

منتدى لاهالي جزيرة اسوان والنوبه

بســم الله الرحمن الرحيم ..إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا صدق الله العظيم
أهداء الى أبناء قريتى الغاليه وجميع أبناء المحافظه تم عمل المنتدى لدمجنا جميعا ولتبادل الأفكار والحب والأراء
فأهلا ومرحبا بكم فى منتدى جزيرة أسوان  -- جمال جمعه

ساعه

ساعة جزيرة اسوان

المواضيع الأخيرة

» طريقه عمل التورته بالصور
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالأحد يناير 11, 2015 4:11 pm من طرف قاهرية أصيلة

» تعالو شوفو معايا طريقة كنتاكى اللذيذة
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالأحد يناير 11, 2015 4:06 pm من طرف قاهرية أصيلة

» الخبز الدوكة...اكلة نوبية أصيلة
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالأحد يناير 11, 2015 3:52 pm من طرف قاهرية أصيلة

» كتاب أصالة العرب والنوبة
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالإثنين فبراير 14, 2011 9:27 pm من طرف جمال جمعه

» ღღوصفه مبتكرهღღ ساندوتشات البتزا
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالخميس فبراير 03, 2011 2:16 pm من طرف جمال جمعه

» هذه صورة ابنتها فكيف هي امها !!!!
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 25, 2011 2:41 pm من طرف جمال جمعه

» صلة الرحم
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 25, 2011 2:32 pm من طرف جمال جمعه

» عيد ميلاد سعيد
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالإثنين يناير 17, 2011 4:41 pm من طرف حنان احمد

» قصة مؤثرة للشيخ محمود المصرى
الطعام المتوازن فى الاسلام I_icon_minitimeالخميس يناير 06, 2011 7:35 pm من طرف حنان احمد

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 16 بتاريخ الإثنين أبريل 15, 2024 1:59 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 181 مساهمة في هذا المنتدى في 117 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 57 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو قاهرية أصيلة فمرحباً به.


    الطعام المتوازن فى الاسلام

    حنان احمد
    حنان احمد
    مشــرفه
    مشــرفه


    عدد المساهمات : 46
    تاريخ التسجيل : 07/12/2010

    الطعام المتوازن فى الاسلام Empty الطعام المتوازن فى الاسلام

    مُساهمة  حنان احمد الأحد ديسمبر 26, 2010 1:18 pm

    قاعدة الأولى: تجنُّب الإسراف في الطعام.

    القاعدة الثانية: الأكل على قدْر حاجة الجسم من الطعام.

    القاعد الثالثة: الحميَّة أصلٌ من أصول صحة الجسم.

    القاعدة الرابعة: تنظيم أوقاتِ الطعام، وتجنب الأكل بين الوجبات، بإدخال طعام على طعام.

    القاعدة الخامسة: اختيار أفضل أنواع الطعام، وتجنب أردئه.

    القاعدة السادسة: هيئة جلوس الأكل والشرب.

    القاعدة السابعة: وصايا وتوجيهات عامة: في المأكل، والمشرب؛ للعناية بالصحة، والوقاية من الأمراض[20].

    وأختتم هذه المقدِّمة بما قاله الإمام الخازن- رحمه الله.



    قواعد العناية بالصحة في نظام الطعام في الإسلام:

    القاعدة الأولى: تجنُّب الإسراف في الطعام:

    قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [21]، قال أهل العلم بتفسير كتاب الله في تفسير هذه الآية الكريمة: عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: "أحل الله الأكلَ، والشربَ، ما لم يكن سرفًا، أو مخيلة"[22]، قال أبو الليث السمرقندي في معنى الإسراف: "هو أن يأكل مما يحل له أكله فوق القصد، ومقدارِ الحاجة"[23]، وهو كذلك في اللغة: مجاوزة الحد والقصد[24]، وقال الإمام الماوردي في تفسير الآية: "لا تسرفوا في أكل ما زاد على الشبع؛ فإنه مُضِرٌّ؛ وقد جاء في حديث: ((أصل كل داء البردة))"[25].



    والبردة التخمة وهي: ثقل الطعام على المعدة[26]، قال الإمام القرطبي في "تفسيره": "الإسراف: الأكل بعد الشبع"[27]، وقال العلامة الطاهر بن عاشور في "تفسيره": "هو تجاوزُ الحد المتعارَف في الشيء"[28]، وقال الأستاذ رشيد رضا في "تفسير المنار": "الأصل في الإسراف تجاوز الحد في كل شيء بحسبه، والحدود منها طبيعي؛ كالجوع، والشبع، والظمأ، والرِّي، فلو لم يأكل الإنسان إلا إذا أحس بالجوع، ومتى شعر بالشبع كف، وإن كان يستلذُّ الاستزادة، ولو لم يشرب إلا إذا شعر بالظمأ، واكتفى بما يزيله ريًّا، فلم يزد عليه لاستلذاذ بَرَدِ الشراب، أو حلاوته- لم يكن مسرفًا في أكله وشربه، وكان طعامه وشرابه نافعًا له"[29]، وقال ابن عطية في "تفسيره": "مَنْ تلبَّس بفعلٍ مباح فإن مشى فيه على القصد، وأواسط الأمور فحسنٌ، وإن أفرط حتى دخل الضررُ حصل أيضًا من المسرفين وتوجَّه النهي عليه"[30]، وقال الإمام الرازي في "تفسيره" أيضًا في معنى: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا ﴾: "أن يأكل ويشرب، ولا يتعدى إلى الحرام، ولا يُكثِر الإنفاق المستقبح، ولا يتناول مقدارًا كثيرًا يضره، ولا يحتاج إليه"[31]، وقال الإمام الزجاج في "معاني القرآن": "الإسراف أن يأكل مما لا يحل أكلُه مما حرَّم الله تعالى أن يؤكل شيءٌ منه، أو تأكل مما أحل لك فوق القصد، ومقدار الحاجة، فأعلمَ اللهُ- عز وجل- أنه لا يحب من أسرف"[32]، وقال الإمام البقاعي في "نظم الدرر": "من جملة السرف الأكل في جميع البطن"[33]، وقال الإمام الشوكاني في تفسيره "فتح القدير": "ومن الإسراف الأكل لا لحاجة، وفي وقت شبع"[34]، فتحصَّل من كلامهم- رحمهم الله تعالى- أن النهي في الآية يتناوَل الزيادةَ على قدر الحاجة، من الطعام، مما يلحق الضرر بالبدن، وإن كان المأكولُ مباحًا، فالوعيد في الآية يشمله، واللهُ- جل وعلا- لا ينهى عن شيء إلا وفيه الضررُ المحقق للإنسان، إما عاجلاً في الدنيا، أو آجلاً في أخراه.



    فكلُّ شيءٍ جاوَزَ حدَّه انقلب ضده.



    وهذه الآية الكريمة- آية الأعراف- على قلة كلماتها إلا أنها قاعدةٌ وأصلٌ في حفظ الصحة لجسم الإنسان، فقد ذكرت كثيرٌ من كتب التفسير، وغيرها: أن الخليفة العباسي هارون الرشيد كان له طبيبٌ نصراني حاذق[35]، فقال لعلي بن الحسين بن واقد[36]: "ليس في كتابكم من علم الطب شيء، والعلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان، فقال علي بن الحسين: قد جمع الله الطبَّ كلَّه في نصف آية من كتابنا، فقال النصراني: وما هي؟ فقال علي بن الحسين: قوله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾، فقال النصراني: ولا يؤثَر عن رسولكم شيءٌ في الطب، فقال علي: جمع رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- في ألفاظٍ يسيرةٍ، فقال النصراني: وما هي؟ فقال علي بن الحسين: قوله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((المعِدة بيت الداء، والحمية رأس كل دواء، وأَعْطِ كلَّ بدن ما عودته))، فقال النصراني: ما ترك كتابُكم، ولا رسولُكم لجالينوس طِبًّا[37]، وقد ذكر ابن العربي في "أحكام القرآن" للعلماء قولين في حكم الأكل بما يزيد على قدر الحاجة، الأول: الحرمة، والثاني: الكراهة، وقال: هو الأصح لأن قدر الشبع يختلف باختلاف البلدان، والأزمان، والأسنان، والطعمان[38].



    وأما الأضرارُ الناجمةُ عن الإسراف في الطعام، ومجاوزة حد الشبع، والاعتدال فيه- فكثيرةٌ جدًّا، ذكر منها حُجَّةُ الإسلام الغزالي[39] في كتابه "إحياء علوم الدين" الكثير، كما أورد الإمامُ ابن رجب الحنبلي[40] طرفًا منها في كتابه القَيِّم "جامع العلوم والحكم"، وهي منحصرةٌ في ثلاثة أنواع من الأضرار.



    الأول: ضررٌ شرعيٌّ: وهو الوقوع فيما نهى الله ورسوله عنه، على قول من يقول بالحرمة فيمن أكل زيادةً على حاجته، وجاوز حد الشبع.



    الثاني: ضررٌ يلحَقُ بالبدن، أو يؤثر فيه سلبًا، أو عضو من أعضائه.



    الثالث: ضرر يلحَق بالقلب والعقل، أو يؤثر فيه سلبًا؛ فيعوقه عن بعض مهامِّه، أو عن القيام بها على الوجه الأكمل[41].



    وإليك تفصيل ذلك:

    النوع الأول من الأضرار: الضرر الشرعي، وهو أن المجاوِز في أكله درجةَ الشبع، داخلٌ فيما نهى الله عنه، كما ورد ذلك في آية الأعراف؛ وأما نهي رسوله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فقد روي عنه- عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((كلوا، واشربوا، وتصدقوا، والبسوا في غير مخيلة، ولا سرف؛ فإن الله- سبحانه- يحب أن يرى أثر نعمته على عبده))[42].



    وروي عنه- عليه الصلاة والسلام- أن رجلاً تجشَّأ[43] عنده: فقال له- عليه الصلاة والسلام-: ((كُفَّ عنا جشاءك، فإن أكثرهم شبعًا في الدنيا، أطولُهم جوعًا يوم القيامة))[44]؛ وروي عنه- عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((إن من السرف أن تأكل كلَّ ما اشتهيت))[45].



    النوع الثاني من الأضرار: الضرر الذي يلحق بالبدن، أو يؤثِّر فيه سلبًا، أو في عضو من أعضائه: وهذا أحد أهم مقاصد هذا البحث.



    أقول: إن كثرة الطعام وتجاوز الحد إلى درجة الشبع يُفضِي إلى فساد الجسم، ويورثه الأسقام، ويكسل عن الصلاة؛ فقد روي عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ذلك، حيث قال: "إياكم والبطنة في الطعام والشراب؛ فإنها مفسدة للجسم، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما؛ فإنه أصلح للجسد، وأبعد عن السرف، وإن الله تعالى ليبغض العبد السمين، وأن الرجل لن يهلك حتى يؤْثر شهوته على دينه"[46]، وقال الإمام الغزالي في "الإحياء": "إن في قلة الأكل صحةَ البدن، ودفعَ الأمراض؛ فإن سببها كثرة الأكل، وحصول فضلة الأخلاط في المعدة والعروق"[47]، وقال الدكتور: أحمد محمد كنعان في كتابه القيم الجليل "الموسوعة الطبية الفقهية"، قد ثبت علميًّا أن السمنة الناتجة عن الإفراط في الطعام، تسبِّب مضاعفاتٍ خطيرةً: في القلبِ، والأوعية الدموية، وجهاز التنفس، وجهاز الهضم، وتزيد معدل الوفيات، وبما أن بعض الناس أكثرُ قابليةً من غيرهم للسمنة؛ فإنه يحسن بهم الالتزام بنظام غذائي محدد؛ للمحافظة على أوزانهم من أخطار السمنة"[48].



    وقد ذكر الإمامُ ابن القيم في كتابه القيم "الطب النبوي" في أنواع الأمراض الأكثر انتشارًا بين الناس هي مادية؛ سببها الرئيس الزيادة على القدر الذي يحتاج إليه البدن، مما يلحق الضرر به[49]، وعن سفيان الثوري قال: "إن أردت أن يصح جسمُك، ويقل نومك؛ فأقل من الأكل"[50].



    النوع الثالث من الأضرار التي تلحق بالبدن بسبب الإسراف في الطعام: ما يلحق بالقلب، والعقل، أو يؤثر فيهما سلبًا فيعوقهما عن بعض مهامِّهما، أو عن القيام بهذه المهام على الوجه الأكمل.



    اعلم أن القلب والبدن هما أشرف أعضاء البدن؛ إذ بهما يكون التمييز، والإدراك، ومعرفة الحق والباطل، والصواب والخطأ في الأشياء والمحسوسات، وأخطر الأمراض ما يصيب أحدهما مما يؤثر في البدن تأثيرًا بليغًا بيِّنًا، وإليك بعض ما ذكر أهلُ العلم من هذه الأضرار:



    ♦ جاء في وصايا لقمان لابنه: "يا بني، إذا امتلأتِ المعدة؛ نامتِ الفكرة، وخرستِ الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة"[51].



    ♦ وقال الغزاليُّ في بيان فوائد الجوعِ، وآفات الشبع، وهي عشر فوائد قيمة، ذكر في الفائدة الأولى منها: "أن الشبع يورث البلادة، ويعمي القلب، ويكثر البخار في الدماغ؛ فيثقل القلب بسببه عن الجريان في الأفكار، وعن سرعة الإدراك"[52]، وذكر في الفائدة الثانية: "أن الشبع يفسد رقَّة القلب وصفاءَه، الذي به يتهيَّأ لإدراك لذَّة المثابرة، والتأثُّر بالذكر"، وأورد عن أبي سليمان الداراني قوله: "إذا جاع القلب وعطش، صفا ورَقَّ، وإذا شبع عمي وغلظ"[53]، وقال- رحمه الله- في الفائدة الخامسة: "إن الإفراط في الشبع يزيدُ في قوة الشهوات، وهي منشأ المعاصي"، ونقل عن ذي النون المصريِّ قوله: ما شبعتُ قطُّ إلا عصَيتُ، أو هممتُ بمعصية"[54]، ونقل عن أبي سليمان الداراني- مرةً أخرى- قوله: "إن الشبعَ يُدخِلُ على البدن ستَّ آفاتٍ، فذكر منها: فقد حلاوة المناجاة، وتعذر حفظ الحكمة، وثقل العبادة، وزيادة الشهوات"[55].



    وقال ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم": "إنَّ قلَّة الغذاء تُوجِبُ رقَّة القلب، وقوة الفَهم، وانكسار النفْس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الغذاء توجب ضد ذلك"[56]، ونقل عن محمد بن واسع قوله: "من قلَّ طعمه فهم وأفهم، وصفا ورق، وإن كثرة الطعام ليثقل صاحبه عن كثير مما يريد"[57]، ونقل عن عمرو بن قيس قوله: "إياكم والبطنةَ؛ فإنها تقسِّي القلب"[58]، وعن الحسن البصري أنه قال: "لا تسكن الحكمة معدةً ملأى[59]، وعن أبي عمران الجوني أنه قال: "من أحب أن ينور له قلبه، فليُقِلَّ طعمَه"[60]، وعن إبراهيم بن أدهم قال: "من ضبط بطنه، ضبط دينه، ومن ملك جوعه، ملك الأخلاق الصالحة، وإن معصية الله بعيدةٌ من الجائع، قريبةٌ من الشبعان، والشبع يميت القلب، ومنه يكون الفرح، والمرح والضحك".



    ♦ وقال الإمام القرطبي في "تفسيره": "إن في قلة الطعام منافعَ كثيرةً، منها: أن يكون الرجل أصح جسمًا، وأجود حفظًا، وأزكى فهمًا، وأقل نومًا، وأخف نفسًا، وفي كثرة الأكل كظُّ المعدة، ونتن التخمة، ويتولد منه الأمراض المختلفة"[61].



    القاعدة الثانية: الأكل على قدر حاجة الجسم من الطعام:

    أساسُ هذه القاعدة هو قول النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفَسه))[62]، هذا الحديث أصلٌ من أصولِ الطب النبوي الشريف، إذا أُضِيفَ إلى آية الأعراف في القاعدة الأولى.



    قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم": "هذا الحديث أصلٌ جامع لأصول الطب كلها،



    وقد روي أن ابن ماسَوَيه[63] الطبيب لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خيثمة قال: لو استعمل الناس هذه الكلمات؛ سلموا من الأمراض والأسقام، ولتعطلت المارستانات[64]، ودكاكين الصيادلة"[65]، قال العلامة السِّندي في شرحه لهذا الحديث: "لأن البطن سببُ غالبِ أمراض البدن، ولقيمات تصغير لُقْمة"، ونقل عن الغزالي قولَه: "ذكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة من الأطباء فعجب منه، وقال: ما سمعتُ كلامًا في قلة الأكل أعظمَ من هذا، والله إنه لكلام حكيم"[66].



    وقال العلامةُ أحمد الساعاتي في "الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد"، خلق الله البطن؛ لكي يتقوَّم به الصلب، وامتلاؤه يُفضِي إلى مضار كثيرةٍ، منها: كثرة المرض غالبًا، والكسل؛ فيمنعه التعبُّد، ويكثر فيه مواد الفضول، فيكثر غضبه وشهوته، وأكلات جمع أكلة؛ وهي: اللقمة[67]؛ أي: يكفيه هذا القدر، في سد الرَّمَق وإمساك القوة في إقامة صلبه- وهو ظهره- بما يحفظه من السقوط، ويتقوَّى على الطاعة، وهذا غاية ما اختير للأكل[68]، وقال الإمام ابن القيم في "الطب النبوي" في تعليقه على هذا الحديث: "أخبر النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه يكفيه لقيماتٌ يقمن صلبَه؛ فلا تسقط قوته، ولا تضعف معها، وهذا من أنفع ما يكون للبدن والقلب، فإنَّ البطن إذا امتلأ من الطعام؛ ضاق عن الشراب، فإذا أورد عليه الشراب؛ ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعَب؛ مما يسبب فساد القلب، وكسل الجوارح عن الطاعات، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع، فامتلاء البَطْن من الطعام مُضِرٌّ للقلب والبدن، هذا إذا كان دائمًا، أو أكثريًّا، وأما إذا كان في بعض الأحيان فلا بأس، فالشبع المفرط يضعف القوى والبدن، وإن أخصبه، وإنما يقوى البدن بحسب ما يقبل من الغذاء، لا بحسب كثرته[69]، ومن المعلوم أن الطعام ضروريٌّ؛ لقوام الحياة، فلا يستطيع الإنسان أن يعيش بلا طعام أو شراب، سوى أيام معدودة، وقد ذكرنا فيما سبق أن حاجة الجسم للطعام تتفاوتُ بحسب الأجسام، والأعمار، والأعمال، والبلاد، كما ذكر ابن العربي في "أحكام القرآن"، والاعتدال والوسطيَّة في تقدير حاجة الجسم من الطعام، هو الذي عناه- صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث الآنف الذكر، وسبيل معرفة ثلث الطعام، وثلث الشراب، وثلث النفس، بيَّنها العلماء؛ فقد ذكر الإمام الغزاليُّ في "الإحياء": أن مقدار نصف مد من الطعام[70]، وهو يعادل رغيفًا وشيئًا، ويشبه أن يكون هذا مقدار ثلث البطن في حق الأكثرين، كما ذَكَرَه النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو فوق اللقيمات؛ لأن هذه الصيغة في الجمع للقلة، فهو لما دون العشرة، وقد كان ذلك عادة عمر- رضي الله عنه- إذ كان يأكل سبع لُقَمٍ، أو تسع لقم[71].



    وقال ابن القيم في "الطب النبوي" في تعليقه على حديث القاعدة: ومراتبُ الغذاء ثلاثةٌ أحدها: مرتبة الحاجة، والثانية: مرتبة الكفاية، والثالثة: مرتبة الفضلة، فأخبر النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه، فلا تسقط قوتُه، ولا تضعف معها، فإن تجاوزها فيأكل في ثلث بطنه، ويدع الثلث الآخر للماء، والثالث للنفس، وهذا من أنفع ما للبدن والقلب[72].



    القاعدة الثالثة: الحميَّة أصلٌ من أمن أصول صحة جسم الإنسان:

    يقصد بالحمية: احتماء الإنسان من الطعام، سواءٌ كان مريضًا أم سليمًا، وإن كانت تُطلَق في حق المريض أكثر[73]، والمعلوم أنَّ للطعام شهوةً ولذةً ينجذبُ بسببها الشَّرِه من الناس، والذي لا يَضبِط نفسَه عند رؤية الطعام اللذيذ، ذي النكهة العطرة، والإعداد الأنيق، والمنظر البديع.



    وورد عندنا في الأمثال الكويتية: "مقابل جيش، ولا مقابل عيش"[74]، وقد ورد عن النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه دخل ومعه علي بن أبي طالب بيتًا فيه دوالٍ[75] معلَّقة، فجعل رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- يأكل، وعليٌّ معه يأكل، فقال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- لعلي: ((مه مه، يا علي؛ فإنك ناقِهٌ[76])) فجلس عليٌّ، والنبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- يأكل، فجيء لهم بسلق وشعير، فقال النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((يا علي، مِن هذا فَأَصِبْ؛ فإنه أوفق لك))[77]، قال الموفَّق البغدادي في شرحه لهذا الحديث في الأربعين الطبية المستخرج من سنن ابن ماجه: في هذا الحديث الأمرُ بالحمية وأن الناقِهَ ينبغي له أن يحتفظ على نفسه، ولا يمرجها[78] مرجَ الأصِحَّاء، والناقه هو الذي خلص من المرض، وهو متحرك إلى الصحة الوثيقة، ولم تحصل له بعدُ صحةٌ تامة، وأعضاؤه ضعيفة، وكذلك هضمه، وأفعال أعضائه فهي سهلةُ القَبُولِ للآفات، وأيضًا فإنَّ الناقه إلى ما يزيد في جوهر أعضائه، ويكون مع ذلك سريعَ النُّفوذ: كالسَّلق والشعير مطبوخَينِ، والناقِهُ ضعيفُ الهضم[79].



    وقال العلامةُ أحمد الساعاتي في "الفتح الرباني": فيه أن المريض في دَوْرِ النقاهة يشتهي الطعامَ والأكل، فلا يُعطَى كل ما تشتهيه نفسه، إلا ما كان خفيفًا على المعدة، فلا بأس به[80].



    وقال عبدالملك بن حبيب في "الطب النبوي" فيما جاء في حمية المريض، فيما سمعه عن بعض الأطباء والحكماء: رأس الطب الحمية، ثم قال: وقد حمى رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وأمر بالحمية عمرَ بن الخطاب، وغيرَه من الصحابة، وبلغني أن عمر قال للحارث بن كلدة: ما الدواء؟ قال: الحمية، ثم فال أيضًا في تعليقه وشرحه لحديث علي السابق: وكانت عائشة- رضي الله عنها- تحمي المريض؛ أي: تأمره بالحمية[81]، وقال الدكتور علي البار في شرحه وتعليقه على كتاب "الطب النبوي"؛ لعبدالملك بن حبيب: "الحمية من أنواع الطعام، أمرٌ يمارسه الأطباء يوميًّا، فمريضُ السُّكَّر لديه قائمةٌ طويلةٌ من الأطعمة الممنوع تناولها، وكذلك مريض ضغط الدم، ومريضُ الكُلَى، ومريض المعدة، والأمعاء، والمصاب بارتفاع الدهنيات في دمه له حمية خاصة، كما أن هناك الحميةَ العامةَ للتخفيف من آثار السمنة"[82]، وذكر الإمام أبو حامد الغزالي في "الإحياء": أن هارون الرشيد الخليفة العباسي اجتمع عنده أربعةٌ من الأطباء، فطلب منهم أن يَصِفُوا له الدواءَ الذي لا داء فيه، فذكر الرابعُ منهم: ألا يأكل الإنسان حتى يشتهيَ الطعام، وأن يرفع يده وهو يشتهيه[83]، وذكر الغزالي أيضًا في كتاب آداب الطعام في القسم الثالث فيما يستحب بعد الطعام: أنه يستحب الإمساك قبل الشبع[84]، وقال أيضًا: إن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- والصحابة لم يكونوا يأكلون إلى تمام الشبع[85]، فالحمية من أنفع الأدوية قبل الداء؛ فتمنع حصوله، وإذا حصل؛ فتمنع تزايده، وانتشاره[86].



    القاعدة الرابعة: تنظيم أوقات الطعام، وتجنب الأكل بين وجبات الطعام بإدخال طعام على طعام:

    وهذه القاعدة مما أهمله كثيرٌ من الناس، فالمتعارَفُ عليه عند الناس أن وجبات الطعام ثلاثٌٌ: إفطار، وغداء، وعشاء، والناس مختلفون في أي هذه الوجبات الثلاث هي الرئيسية؟ فأكثرهم أنها الغداء، وبعضهم يجعلها العشاء، والقليل منهم تكون وجبته الرئيسية هي الإفطار، وتختلف مدة هضم الطعام في المعدة ما بين ساعتين، في الطعام اليسير المكوَّن من صِنفٍ، أو صِنفين من الأطعمة الخفيفة: كالفواكه، والعصائر، والحليب، وما شابهها، وبعضٌ آخر تستغرق مدة هضمه من أربع إلى خمس ساعات، إذا حَوَى الطعام أصنافًا متعدِّدةً من المأكولات غير ما ذكرنا، وقد تمتدُّ مدة الهضم إلى سبع ساعات، إذا كان الطعام يحتوي على شحومٍ، ومواد دهنية كثيرة[87]، فعلى هذا ينبغي على الإنسان إذا أكل وجبةً متوسطةً، يستغرق هضمها ما بين أربع إلى ست ساعات، ألا يأكلَ طعامًا آخرَ في أثناء هضم الطعام الأول، بل ينبغي عليه أن يريحَ المعدة أيضًا، بعد عملية الهضم لمدةِ ساعتَينِ أو ثلاثًا؛ حتى تستعيدَ قوتها، ونشاطها، وترتاح من عناء الهضم الذي استغرق خمس أو ست ساعات متواصِلة، لكن المُشاهَد في حياة كثيرٍ من الناس، أنه إذا تناول وجبةً صفتها كالذي ذكرته، ثم زار صديقًا، أو دُعِيَ إلى وليمةِ عُرْسٍ، أو عقيقة، أو مناسبة، فإنه لا يتردَّد في الأكل؛ إما شرهًا، أو استحياء، وهذا هو المُضِرُّ بجسم الإنسان وصحته، فقد سُئِلَ الحارث بن كلدة عن الداء الدويِّ[88] الذي قتل البرية وأهلك السباع في البرية، فقال: إدخال الطعام على الطعام قبل الانهضام[89]، وسُئِلَ جالينوس: مالَكَ لا تمرضُ؟ فقال: لأني لم أدخل طعامًا على طعام[90]، وأوصى أحد الأطباء المأمون الخليفةَ العباسي بخصالٍ مَنْ حفظها، وعمل بها، فهو جديرٌ ألا يمرض إلا مرض الموت، فذكر منها: لا تأكل طعامًا، وفي معدتك طعامٌ.



    ومما قيل في ذلك شعرًا ما رُوِيَ عن الإمام الشافعي- رحمه الله تعالى- قوله:
    ثَلاَثٌ هُنَّ مُهْلِكَةُ الأَنَامِ
    وَدَاعِيَةُ الصَّحِيحِ إِلَى السِّقَامِ
    دَوَامُ مُدَامَةٍ وَدَوَامُ وَطْءٍ
    وَإِدْخَالُ الطَّعَامِ عَلَى الطَّعَامِ [91]

    واعلم أنه لم يردْ في الشرع الحكيمِ- لا في الكتاب ولا في السُّنَّة- تحديدُ عدد وجباتِ اليوم الواحد، وقد أورد الإمام الغزالي- رحمه الله- تعالى بعض الأحاديث التي تحدِّدُ عدد الأكلات في اليوم والليلة، ولكنها أحاديث لم تثْبت عن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- أو أنها أحاديث ضعيفة، كما أشار إلى ذلك الحافظ العراقي في تعليقه عليها[92]، وقد ذكر الإمام الغزالي- رحمه الله- أيضًا: أن عادة السلف أنهم كانوا لا يأكلون إلا أكلةً واحدة في اليوم، فالله أعلم بصحة ذلك[93]، فإن كان صحيحًا، فربما يُعلل لشدة فقرهم وضيق الحال في تلك الأزمان، والله أعلم، وقيل لسهل التُّستَري: الرجل يأكل في اليوم مرة؟ قال: أكل الصِّدِّيقين، قيل: فمرَّتين، قال: أكل المؤمنين[94].



    وقال الحكماءُ: الأصلح في كل يومَين وليلتين ثلاث أكلاتٍ وقت البرد، وقال بعضهم: في كل يوم وليلة أكلةٌ، وهي عند إفطار الصائم، ولا بأس بما تعوَّد عليه الناس من الغداء والعشاء، بكرة وعشيًّا، مع القدر اليسير من المطاعم[95].



    وقد ذكر لي أحدُ الفُضَلاء ممن درس في أمريكا، عندما كنت أُلقِي بعض الدروس العلمية عن هذا الموضوع، فقال: لقد أجرى الأمريكان تجربةً على قردَين تَوْءَمَيْن في تنظيم الوجبات، وأثر ذلك على صحة الحيوانات، حيث وُضِعَ هذان التوءَمان في قفصين متجاورَينِ لمدَّة خمس سنوات: أما أحدهما فكان يُكَبُّ له الطعامُ كبًّا، حتى يكون متوفرًا له في كل وقت وحين، يأكل منه متى شاء، وكيفما شاء، وأما الآخر فكان يوضع له ثلاث وجبات بقدرٍ معلوم، في زمن محدد مقدر: صباحًا، وظهرًا، وليلاً، وبعد نهاية المدة كان القرد الأول كجد أخيه شكلاً، ونشاطًا، وحيويةً، فقد انحنى ظهره، وسال لُعابُه على فمه، وضَعُفَت حركته، وقلَّ نشاطه، وأما الآخر فكان كثيرَ الحركةِ، معتدلَ الجسم، مفعمًا بالحيوية والنشاط، فقلتُ: إن في ذلك لذكرى، فقد يتعلم الإنسان شيئًا من تدبير أمور حياته ومعاشه من الحيوان.



    القاعدة الخامسة: اختيار أفضل أنواع الطعام، وتجنُّب أردئه:

    هذه القاعدة مما يهمله أيضًا كثيرٌ من الناس؛ لعدم معرفتهم بما يفيد من الطعام لجسم الإنسان وصحته، وإن كان طعامه أحيانًا ليس فيه مما في كثيرٍ من المطعومات من حلاوة طعم، أو نضارة منظر، أو شكل أو نكهة، أو رائحة تخلب العقل، وتُهيِّج الطبع، ومن المعلوم لدى العُقَلاء أن الإسلام اعتبر الطعام والغذاء وسيلةً لا غايةً، فالغذاء والطعام وسيلةٌ ضروريةٌ لا بد منها لحياة الإنسان، والقصد منها بناءُ جسم الإنسان؛ لتعويضه ما يفقده؛ بسبب مجهوداته المختلفة، والمحافظة على نموه نموًّا سليمًا، ولحفظه من الأمراض التي تعترض حياة الإنسان، ثم إعطاء الجسم القدرة والقوة الكافية؛ للمحافظة على أجهزته وأعماله[96].



    وقد قسَّم الأطبَّاء علماءُ التغذية وظائفَ الطعام في جسم الإنسان إلى ثلاثِ وظائف رئيسيةٍ هي:

    1- الحصول على الطاقة والحرارة.

    2- بناء وتعويض أنسجة الجسم.

    3- تنظيم أعمال الجسم الداخلية، والوقاية من الأمراض.



    وهذه الحاجات لا يمكن سدُّها إلا عندما تتوفر في الغذاء عناصرُ رئيسية، وهي ستة أنواع:

    1- الكربوهيدرات.

    2- البروتينات.

    3- الدهون.

    4- الأملاح المعدنية.

    5- الفيتامينات.

    6- الماء.



    وهذه العناصر الرئيسية في الطعام والغذاء، موجودة في الأنواع الآتية من الأطعمة:

    1- الكربوهيدرات، موجودة في: السكريات، والنشويات.

    2- البروتينات، موجودة في: الحبوب، واللحوم، والكبد، والعسل الأسود.

    3- الدهون، وتوجد في: الشحم الأسود، والزبد، والسمن، والبيض، وزيت الزيتون، والسمسم.

    4- الأملاح المعدنية، وتتوفَّر في: الحليب، ومشتقاته.

    5- الفيتامينات، وتوجد في: الكبد، والكُلَى، والحليب، والقشدة والخضروات، والفواكه، لا سيما الطازج منها والطري.

    6- الماء[97].



    وهذه العناصر الستة التي يجب أن تتوفر في أنواع الطعام والغذاء لسد حاجة الجسم، قد عرفها الأقدمون من علمائنا- رحمهم الله تعالى- فقد ذكر الإمام الغزاليُّ- رحمه الله تعالى- في أنواع الطعام فقال: أعلى الطعام مخُّ البُرِّ[98]، فإن نُخِلَ، فهو غاية الترفُّه، وأوسطه شعيرٌ منخولٌ، وأدناه شعير لم ينخل، وأعلى الأدم اللحمُ والحلاوةُ، وأدناه الملح والخل، وأوسطه المزورات بالأدهان من غير لحم[99].



    ولو تأمَّلنا طعامَ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- لوجدناه يحتوي على جُلِّ ما سبق ذكره، قال ابن القيم في "زاد المعاد": كان- صلَّى الله عليه وسلَّم- يأكل ما جرت عادة أهل بلده، بأكله من اللحم، والفاكهة، والخبز، والتمر، وغيره، وكان يأكل الرُّطَبَ والبِطِّيخَ، وإذا عافت نفسُه شيئًا لم يأكلْه، ولم يحمِّلْها إياه على كُرْهٍ، وهذا أصلٌ عظيمٌ في حفظ الصحة[100]، وكان يحب الحلواء، والعسل، وهذه الثلاثة- أعني: اللحم، والعسل، والحلواء- من أفضل الأغذية، وأنفعها للبدن، والكبد، والأعضاء، وللاغتذاء بها نفعٌ عظيم في حفظ الصحة والقوة[101]، وكان يأكل الخبز مأدومًا، ما وجد له إدامًا، فتارةً يأكله باللحم، ويقول: ((هو سيد طعام أهل الدنيا والآخرة))[102]، وتارة بالبطيخ، وتارة بالتمر، وتارة بالخل[103]، ولو رجعنا إلى باب الأطعمة في بعض كتب السنة: كصحيحي البخاري[104]، ومسلم[105]، وسنن أبي داود[106]، والترمذي[107]، وسنن ابن ماجه[108]، في نوع مطعومات ومآكل رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- لوجدنا ما ذكره ابن القيم- رحمه الله تعالى.



    هيئة الجلوس للطعام مما يساعد، أو يعيق في هضْم الطعام وأكله، وهو أدبٌ من الآداب الإسلامية التي راعاها الإسلام، ونبَّه عليها صفوةُ الخلق رسولُنا محمد- عليه الصلاة والسلام- وقد ذكر العلَّامة ابن القيم- رحمه الله تعالى- في كتابه القيم "الطب النبوي" فصلين مختصرين عن ذلك[109]، وأنا أورد هنا خلاصتهما.



    قال ابن القيم- رحمه الله تعالى-: بابٌ في هديه- صلَّى الله عليه وسلَّم- في هيئة الجلوس للأكل.



    صَحَّ عنه- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: ((لا آكل متكئًا))[110]، قال ابن القيم- رحمه الله تعالى-: وقد فُسِّر الاتكاءُ بالتربُّع، وفسر الاتكاءُ على الشيء: وهو الاعتمادُ عليه، وفسر الاتكاء على الجنب، والأنواع الثلاثة من الاتكاء، فنوعٌ منها يضرُّ بالأكل، وهو الاتكاء على الجنب، فإنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته، ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة، ويضغط المعدة فلا يستحكم فتحها للغذاء، وأيضًا فإنها تميل، ولا تبقى منتصبةً فلا يصلُ إليها الغذاءُ بسهولةٍ[111].



    وروي عنه- عليه الصلاة والسلام- أنه: "نهى أن يأكل الرجل وهو منبطحٌ على وجهة"[112]، وقال ابن القيم- رحمه الله تعالى-: ويذكر عنه- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه كان يجلس للأكل متورِّكًا على ركبتَيْهِ، ويضع بطن قدمه اليُسرَى على ظهر قدمه اليمنى؛ تواضعًا لربه- عز وجل- وأدبًا بين يديه؛ لأن الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقها الله- سبحانه- عليه مع ما فيه من الهيئة الأدبية.



    وأجود ما اغتذى عليه الإنسان إذا كانت أعضاؤه على وضعها الطبيعي، ولا يكون كذلك إلا إذا كان الإنسان منتصبًا الانتصابَ الطبيعي، وأردأ الجلسات للأكل الاتكاءُ على الجنب؛ لأن المرِّيء وأعضاءَ الازدراد تضيق عند هذه الهيئة، والمعدة لا تَبْقَى على وضعها الطبيعي؛ لأنها تنعصر مما يلي البطن بالأرض، ومما يلي الظهر بالحجاب الفاصل بين آلات الغذاء، وآلات النفس[113]، وقال الحافظ ابن حجر[114] في "الفتح": حكى ابن الأثير في "النهاية": أن من فسَّر الاتكاء بالميل على أحد الشقَّين تأوَّله على مذهب الطب، بأنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلاً، ولا يسيغه هنيئًا وربما تأذَّى به، وقال أيضًا: واختلف العلماء في عِلَّة الكراهة، وأقوى ما ورد في ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة، من طريق إبراهيم النخعي قال: "كانوا يكرهون أن يأكلوا اتِّكاءة؛ مخافةَ أن تعظم بطونهم"[115].



    القاعدة السابعة (الأخيرة):

    وصايا وتوجيهات عامةً في المأكل والمشرب؛ للعناية بالصحة، والوقاية من الأمراض.



    هذه القاعدة عبارةٌ عن مجموعة أقوال متفرقة، قالها بعض الأطباء من المسلمين وغيرهم، وذكرها بعض العلماء والحكماء في حفْظ صحة جسم الإنسان، في المأكل والمشرب، أحببتُ أن أختم بها هذا البحث فتكون مسكَ الختام[116]، ووضعتُها على شكل نقاطٍ متدرِّجةٍ، استخلصتُها من كتاب "الطب النبوي"؛ لابن القيم، وكتاب "إحياء علوم الدين"؛ للغزالي، وكتاب "الرحمة في الطب والحكمة؛ للسيوطي، وغيرها من كتب التفسير، والحديث، والأدب، وسوف أورد هذه الأقوال والفوائد بحسب تسلسل الكتب المذكورة:

    1- قال أبقراط: "الإقلال من المضار خيرٌ من الإكثار من المنافع".



    2- وقال أيضًا: "استديموا الصحة بترْك التكاسل عن التعب، وبترك الامتلاء من الطعام والشراب".



    3- قال بعض الحكماء: "مَن أراد الصحة، فيجود الغذاء، وليأكل على نقاء، وليشرب على ظمأ، وليقلل من شرب الماء، وليتمدد بعد الغداء، ويتمشى بعد العشاء، ولا ينم حتى يعرض نفسه على الخلاء".



    4- قال الحارث بن كلدة طبيب العرب المشهور: "من سرَّه البقاء ولا بقاء، فليباكر الغداء، وليعجل العشاء".



    5- وقال أيضًا في مرض موته: "لا تأكلوا من الفاكهة إلا في أوان نضجها، ولا يعالجن أحدكم ما احتمل بدنه الداء، وعليكم بتنظيف المعدة في كل شهر؛ فإنها مذيبةٌ للبلغم، مهلكة للمرة، منبتة للحم، وإذا تغدى أحدكم فلينم على إثر غدائه ساعةً، وإذا تعشَّى فليمشِ أربعين خطوة".



    6- وقال أحد الأطباء يوصِي أحدَ الملوك: لا تأكلْ من اللحم إلا فتيا، ولا تشرب الدواء إلا من علة، ولا تأكل الفاكهة إلا في نضجها، وأجد مضغ الطعام، وإذا أكلتَ نهارًا فلا بأسَ أن تنام، وإذا أكلت ليلاً، فلا تنم حتى تمشي ولو خمسين خطوة، ولا تأكلن حتى تجوع، ولا تأكلن طعامًا وفي معدتك طعامٌ، وإياك أن تأكل ما تعجز أسنانك عن مضغه، فتعجز معدتك عن هضمه.



    7- وقال الإمام الشافعي- رحمه الله تعالى-: "أربعةٌ تُقَوِّي البدنَ، فذكر منها: أكل اللحم، وأربعةٌ توهن البدن، وذكر منها: الحامض، وكثرة شرب الماء على الرِّيق".



    8- وقال طبيب المأمون[117]: "عليك بخصالٍ من حفظها فهو جدير ألا يعتل إلا علة الموت: لا تأكل طعامًا تتعب أضراسُك في مضغه، فتعجز معدتك عن هضمه".



    9- ومن جوامع كلمات أبقراط: "كل كثيرٍ فهو معادٍ للطبيعة".



    10- قيل لجالينوس: مالَكَ لا تمرض؟ فقال: لأني لم أجمع بين طعامين رديئين، ولم أدخل طعامًا على طعامٍ، ولم أحبس في المعدة طعامًا تأذيتُ منه.



    11- أربعةُ أشياءٍ تُمرِضُ الجسم ذكر منها: الأكل الكثير؛ لأنه يفسد المعدة، ويضعف الجسم، ويُولِّد الرياحَ الغليظة، والدواء العسرة.



    12- الحميةُ المفرِطةُ مُضِرَّةٌ بالبدن، والحمية المعتدلة نافعة.



    13- ومما يضر بالعقل: إدمان أكل البصل، والباقلا، والزيتون، والباذنجان[118].



    14- قال بعض الحكماء: أكبر الداء تقديرُ الدواء.



    15- معالجة المريض نصفان: نصفٌ دواءٌ، ونصفٌ حميةٌ، فإن اجتمعا فكأنك بالمريض قد برأ وصَحَّ، وإلا فالحمية به أوْلَى، إذ لا ينفع دواءٌ مع ترك الحمية، ولقد تنفع الحمية مع ترك الدواء.



    16- من الإسراف الأكلُ بعد الشبع، وهو محظورٌ[119].



    17- قال أبو سليمان الداراني: من شبع دخل عليه ستُّ آفات، فذكر منها: ثقل العبادة، وزيادة الشهوات.



    18- قال الإمام الغزالي- رحمه الله-: مما يستفيده الإنسانُ من قِلَّةِ الأكل: صحةُ البدن، ودفعُ الأمراض، فإن سببها كثرة الأكل، وحصول فضلة الأخلاط في المعدة والعروق، ثم المرض الذي يمنع العبادات، ويشوش القلب، ويمنع الذكر والفكر، وينغص العيش، ويحوج إلى الدواء والطبيب، وكل ذلك يحتاج إلى مُؤَنٍ ونفقات، لا يخلو الإنسان منها بعد التعب.



    19- الجوع مفتاح الآخرة، وباب الزهد، والشبع مفتاح الدنيا، وباب الرغبة[120].



    20- الاحتماء في حال الصحة خيرٌ من شرب الدواء في وقت المرض.



    21- قال الحكماء في كمية وعدد أكلات الإنسان: أن تكون في كل يومَين وليلتَين ثلاث أكلات، وقيل: في كل يوم وليلة أكلة واحدة عند إفطار الصائم.



    22- ينبغي على الإنسان العاقل في أكله أن يتجنب كل شيء مُضِرٍّ، والحذر كل الحذر من أكل الطعام النَّيِّء، أو ما تعافُه النفس، ومن إدخال الطعام على الطعام قبل الهضم، ومن الشبع؛ فإن ذلك أسرع العلل، وربما يكون سببًا في الهلاك.



    23- قال الأحنف بن قيسٍ: اختار الحكماءُ من كلام الحكمة أربعةَ آلاف كلمة، ثم اختاروا منها أربعمائة كلمة، ثم اختاروا منها أربعين كلمة، ثم اختاروا منها أربع كلمات، فذكر منها: لا تحمل معدتك ما لا تطيق.



    24- اتَّفق الأطباء من الروم، والهند، والفرس، على أن الأمراض كلَّها متولِّدةٌ من ستة أشياء، فذكر منها: الأكل على الشبع[121].



    25- كان- عليه الصلاة والسلام- يشرب كل يوم قدح عسلٍ ممزوجًا بالماء على الريق، وهذه حكمة عجيبة في حفظ الصحة، لا يعقلها إلا العالمون[122].



      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 2:02 pm